منذ الصباح الباكر الى غاية مساء اليوم تعيش الحسيمة و كل المناطق القريبة، استنفارا أمنيا يشبه حالة حرب حقيقية، حواجز لقوات الشرطة والدرك في مداخل المدن والبلدات التي أعلن فيها النشطاء عن تنظيم مسيرات ستنطلق نحو الحسيمة ، عبر الطريق الرابطة بين بوعياش وامزورن حتى الحسيمة، يتم توقيف السيارات و تفتيشها و التحقق من هويات المسافرين ، خاصة على متن سيارات الأجرة واجبارهم على العودة ، ومنع الكثير من الشباب من دخول الحسيمة ، عدد منهم انطلق في مسيرات جماعية و فردية عبر الجبال والوديان في اتجاه الحسيمة و استطاعوا أن يقطعوا عشرات الكيلومترات، لكنهم تفاجؤوا أن مداخل الحسيمة مطوقة بالكامل، انها حالة من الحصار تشبه أيام الاستعمار الاسباني حينما استوطن المدينة و كان يمنع دخول أبناء القبائل المجاورة اليها ، لكننا اليوم نعاني من قمع آخر قمع نظام يخشى من شعب يصيح بالسلمية و يغني للوطنية ، لقد سحبوا عن المخزن الشرعية ، وصار يتخبط في أزمة لا يعرف لها مخرجا، سوى القمع والهمجية هذا هو عنوان مرحلة سيسجلها التاريخ بأن شعب الريف هزم بطش الديكتاتورية و لن يقبل بأنصاف الحلول، بل بمحاكمة الفساد و الاستبداد، و لن يرضى الا بالمساواة والحرية بين كل أبناء الشعب .
عصر هذا اليوم، انه عيد حقيقي كعادة كل أيام العيد توافد
أبناء الاقليم نحو الحسيمة للتنزه و الاستجمام والتسكع و زيارة الاهل و الأحباب، لم
يتغير شيئ سوى الهدف،لقد جاؤوا ليقولوا أطلقوا سراح المعتقلين و امنحونا حقنا في
الوطنية، لكن في المدينة زوار من نوع آخر ينتظرون، ويريدون أن يبطشوا بنا !! و صارت الزيارة ملغومة محرمة و ملعونة .
في البداية
انطلقت المسيرات بكل نظام وحماس وسلمية، لكن زوار الليل أرادوا غير ذلك، فعكروا
غبار الازقة، وأزعجوا هدوء المدينة فصارت كل الشوارع مليئة بهدير سيارات الشرطة ، المءات
منها تطارد المواطنين بعشوائية، انها حالة طوارئ غير معلنة، والويل و الاعتقال لمن
تجرأ على رفع شعار أو أخرج هاتفه ليأخذ صورة ليظيفها لسجل ذكرياته سيكون مصيره
الاعتقال و التنكيل و لا حرج سيزج به في عكاشة بتهمة الفتنة و اشاعة أهوال عام
الفيل .
المدينة كأنها ساحة حرب، الشباب يهرولون بين الشوارع وبالشعارات
يهتفون، كلما حاولت الشرطة تشتيتهم تجمع الآخرون في أماكن أخرى لتتشكل مسيرات و
وقفات عبر الأحياء الأخرى، ويهتفون للمرة الألف "سلمية سلمية لا حجر ولا
جنوية " .
اعتقالات هنا، وضرب ورفس هناك، جرحى في المستشفيات،
لكنها قوة التحدي و قوة الارادة في التغيير و تجاوز عهد الحجر، لقد وصلنا الى
اليقين التام و نحن مقتنعون في هذه البلدة العزيزة، أن العدو الوحيد الذي يهدد
الامن العام في الحسيمة ، ويمارس العنف و الشطط وينتقم من المواطنين، ويبذر
الملايير من الدراهم ، ليبقى الشعب راكعا مذلولا، هو المخزن وحده، لتبقى التماسيح
تصطاد في الماء العكر، ليبقى المفسدون يكسبون من الفوضى، ويبقى قانون الغابة هو سيد المواقف
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق