Translate
الجمعة، 9 يونيو 2017
الياس العماري يكتب: من له المصلحة في استمرار الاحتقان في الحسيمة؟
في جميع الاحتقانات والاحتجاجات في العالم، وحتى في أكثرها دموية،
تأخذ الأطراف المختلفة والمتصارعة، كيفما كانت مواقعها ومواقفها واصطفافاتها، فسحة
من الهدوء للتفكير والبحث عن الحلول ومنح الوقت للحكماء وغيرهم للمساهمة في إيجاد
الحلول.
أما عندنا فيحدث العكس. فمع كل مبادرة كيفما كان مصدرها، لترتيب
الأجواء والنظر في مطالب المحتجين، تتم مؤاخذة الأطراف المبادرة، ولا تتم
الاستجابة لها من الجميع، بل على العكس من ذلك، يتم تعقيد الأمور وتأزيم الأوضاع.
من له مصلحة في إحراق هذه المدينة الجميلة؟ ومن يريد إطفاء أنوار
الحسيمة؟
لذلك أعيد التساؤل: من له المصلحة فيما يحدث؟
ومن جهة أخرى، هناك جماعة من المحتجين، أغلبهم لا يتجاوز عمره 18
سنة، يحملون نفس تقاسيم قوات الأمن، بأجسادهم النحيفة ووجوههم المتجهمة، تصدح
حناجرُهم بمطالب مشروعة.
وفي الجانب الآخر، تجلس نخب المدينة لتتابع الأخبار والمستجدات، سواء
في شوارع المدينة أو من خلال الهواتف الذكية…
هل يحق لي أن أوجه نداء لجميع الأطراف للجلوس إلى مائدة الحوار؟
لايمكن أن نصل إلى تحقيق مطلب إطلاق السراح ووقف العنف إلا في لحظة
إرساء الهدوء، فمن هم هؤلاء الذين لا يريدون الهدوء؟
أرجوكم يا من يقف وراء ما يحدث، إذا كان هناك فعلا من يقف وراء ما
يحدث، فلتخرجوا من صمتكم وتعلنوا حقا ماذا تريدون. إذا كان هدفكم تدمير المدينة،
فلماذا يا ترى؟
أتوسل من الذين يلوذون إلى الصمت، أو الذين يقفون لمتابعة الأمور
ميدانيا وافتراضيا، أو الذين يشاركون فيما يحدث، أن يدركوا أنه ليس بالعنف ولا
باستمرار الاحتقان أن نحرر أنفسنا ونحقق ما نتوخّاه من طموحات ومطالب.
أرجوكم… الجميع باتوا بحاجة إلى هدنة وفسحة ولو قصيرة؛ من أجل تجميع
القوى واسترجاع ما ضاع من مساحات التفكير الهادئ في عقولكم. وحتى إن لم نصل إلى
حلول، فعلى الأقل سنتمكن من بلورة آراء صحية ومفيدة.
كنت قررت التوقف عن الكتابة خلال هذه الأيام، ووجدت نفسي أتراجع عن
قراري ليس بدافع المسؤولية التي أتحملها، فهي في نهاية المطاف عابرة ومؤقتة، ولكن
مدفوعا بالواجب تجاه بلدي وأهلي ومدينتي… فليست لنا أرض ثانية، ولا بلد آخر لنا
غير هذا الذي نعيش فيه.
لذلك أرجو من الذين يقرأون ما أكتب من الأصدقاء الذين يدعون لي
بالصحة والتوفيق، ومن غيرهم ممن قد لا يريدونني حتى أن أكون موجودا فوق الأرض،
المساهمة كلا من موقعه وبما في استطاعته لرسم لحظة هدنة تفتح المجال للجميع من أجل
التوصل لحلول ناجعة للجميع، حلول لا يكون فيها غالب ولا مغلوب.
الياس العماري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق