Translate

الأربعاء، 5 أبريل 2017

واقع الموسيقى الأمازيغية الريفية بين الالتزام و الارترزاق و غياب الآفاق

رغم غياب التشجيع و الدعم و قلة الامكانيات استطاعت  الأغنية الأمازيغية الريفية خلال العقود الأخيرة  أن تتطور بشكل متسارع و ملحوظ ، سواء في ايقاعاتها و متونها ، أوباعتمادها على المقاييس و المعايير الحديثة ، ويرجع ذلك الى تراكم رصيد مهم و متنوع من التجارب و الابداعات الموسيقية منذ السبعينات من القرن الماضي ، حيث شهد بروز تجارب موسيقية متميزة  بفضل عدة عوامل  ساعدت على المضي قدما في البحث عن الافضل  و الانفتاح و مسايرة موجات موسيقية عالمية انطلاقا من تجارب  الشعوب الاخرى ، كما ساعد ادخال أساليب ووسائل جديدة في تطوير الموسيقى الريفية الامازيغية و انتشارها .
لكنه على الرغم من هذا التطور و التميز للموسيقى الأمازيغية الريفية ، فانها واجهت و تواجه عدة صعوبات و عراقيل تحاصر الفنان الريفي من كل جهة مثل تراجع الموسيقى الملتزمة و انتشار موسيقى الرصيف التي تهدف الى تحقيق الربح المادي على حساب الذوق و المعايير التي يتميز بها الشعر الأمازيغي و طريقة القائه ، حيث يتم  استقدام ايقاعات جاهزة و تفريغ كلمات أمازيغية فيها الأمر الذي يعطينا منتوجا مشوها في الشكل و المضمون ، ويساهم في تدهور الذوق و الموسيقى عموما .
أما المشكل الأساسي الذي سأركز عليه في هذا الموضوع ، هو علاقة التنافر و البعد بين الفنان الأمازيغي الريفي و المؤسسات المخزنية و القطاعات الموازية لها مثل المعاهد و النقابات و الجمعيات الموسيقية ، وغالبا ما تأثرت هذه العلاقة بالظروف السياسية و الاجتماعية التي طبعت السنوات الماضية خصوصا ما كان يسمى بسنوات الرصاص ، حيث ساد القمع و التضييق على الابداع ، الى جانب التهميش و العنصرية التي كانت تمارس على اللغة والثقافة الأمازيغية من طرف شرذمة من القوميين و المتأثرين بالنزعة الفاشية البعثية القادمة من الشرق ، و الذين سيطروا على المجال الثقافي و الفني و الفكري المغربي ،كما أن واقع الفساد و الرشوة و تمييع الساحة الثقافية ساعد على  هذا التنافر و البعد، و أنتج نخبة من المثقفين و الفنانين الريفيين اعتمدو على الذات للنهوض بالميدان الابداعي اعتمادا على الموارد و الامكانيات الهائلة التي تتمتع بها الثقافة الأمازيغية و تراثها الحضاري العريق الذي تم تهميشه من طرف العروبيين و الثقافات الدخيلة .
ان هذا التنافر بين الفنان الموسيقي الريفي و العمل المؤسساتي النقابي و المهني في علاقته بالنفوذ المخزني و أذنابه ، أنتج شرذمة من السماسرة و المرتزقة الذين و جدوا الساحة فارغة و الطريق معبد حيث عملوا على تمييع المجال و قتل المواهب الراقية و تشجيع ذوي النفوس الضعيفة الراغبين في الكسب المادي على حساب الابداع و الكرامة ، فهؤلاء السماسرة الذين لاتربطهم أية علاقة بالابداع الموسيقي سوى عملهم كموظفين أو مستخدمين في مؤسسات عمومية تابعة لكل من وزارات  الثقافة ، والاتصال ، و الشبيبة و الرياضة وباقي القطاعات التي تتحكم في المجال الموسيقي و الفني ، و استطاعوا أن يربطوا شبكة من العلاقات الزبونية من داخل لوبي الفساد الذي شجع ظاهرة الفوضى و التشرذم في الساحة ، و استطاعوا من انشاء جمعيات و نوادي و نقابات احتكرت مواقع تمثيل الموسقيين في الريف ، و جعلت منهم وسيلة لكسب الاموال في المهرجانات الموسيقية و المناسبات الأخرى .
و صار الفنان الموسيقي في الريف رهينة في يد هؤلاء السماسرة الذين يعملون على استغلاله و احتقاره و تهميشه ، و استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم وكلاءا صوريين و مديروا أعمال لبعض الشباب يستغلون ضعفهم وعدم تكتلهم في اطارات قوية تدافع عن مصالحهم و حقوقهم أمام هذا اللوبي الزاحف والموغل في الميدان الاعلامي و الاداري و الانتاج الفني ، و أصبحوا أسيادا في الميدان يملكون مفاتيح السر في كل مكان يعرفهم القاصي و الداني في مدينة الحسيمة ، تستقبلهم قنوات الصرف الصحي في برامجها الفنية ليتكلموا عن واقع لا يمثلونه و لا يعنيهم ،  بل وصل الامر بأحدهم أن صار يملك القدرة على توفير تأشيرات السفر لكل من يريد المشاركة في نشاط موسيقي خارج المغرب ، و التورط في الهجرة السرية باسم الموسيقى و الفن ، على غرار عمليات تصدير العاهرات نحو امارات الخليج و هن يحملن جوازات سفر تحمل صفة  فنانة ، و هي ظاهر معروفة في المغرب تقع على مرئى و مسمع الجميع تتورط فيها .

لكن الغريب في الامر أن هؤلاء السماسرة النشيطين في الحسيمة و الذين يعملون في قطاعات تابعة لوزارة الثقافة و الاتصال و الشبيبة والرياضة ، لا تربطهم أية علاقة باللغة و الثقافة الامازيغية لأن معضمهم لا يتكلمون الا الدارجة المغربية و لا تربطهم غيرة نفسية بالابداع الأمازيغي سوى الكسب غير المشروع  و الاسترزاق المادي على حساب الفن والثقافة الأمازيغية التي يضحي أبناءها بالغالي و النفيس من أجل فك العزلة عنها و تطويرها لتنجوا من الانقراض و الاندحار، ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه ، متى سنتحرر من الوصاية و الاستغلال المفروض علينا من طرف لوبي الفساد والاستبداد ....؟؟؟؟؟             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق