بدأت مجموعة من التساؤلات تطرح نفسها على
لسان عدد من المهتمين بالشأن المحلي في الحسيمة حول المغزى والأسباب التي دفعت
بوزارة الداخلية للقيام بموجة الاعفاءات و التنقيلات التي مست هذا العدد الكبير من المسؤولين على رأسهم عامل الاقليم ، حيث أجمع الجميع على
فشل المقاربة الأمنية و البوليسية التي
كانت الوسيلة المعتمدة لاسكات الحراك الجماهيري منذ انطلاقته ، وأبان على
انعدام أية ارادة للمسؤولين في التعامل الايجابي مع المطالب الشعبية ، بدل أن يتبع
هؤلاء مقاربة تفاعلية و انسانية وفتح أبواب الحوار و الاصغاء لأصوات الشعب لفهم
عمق الازمة و تقديم الحلول و البدائل اللازمة ، يتم القيام بتطويق عسكري شامل للمنطقة
واغراق الاقليم بقوات الشرطة والجيش و القوات المساعدة ، الأمر الذي زاد من حدة
الاحتقان و انتشار موجة من الاستياء الشعبي و الاحساس بالغبن و الحكرة ، و زاد
الطين بلة تلك الحملات الاعلامية الرخيصة التي تتهجم على أبناء الريف وتتهمهم
بالفتنة و الانفصال بسبب حمل بعض المتظاهرين لأعلام المقاومة الريفية نظرا لقيمتها
الرمزية و تعبير عن وعي شعبي يتوق الى التحرر و الانعتاق من القهر والاستغلال ، و
الفساد والاستبداد و كان من الاجدرعلى جميع المغاربة اتخاذ هذا العلم رمزا وطنيا
بدل التخويف والتخوين .
ان سياسة الآذان الصماء التي اتبعها
المسؤولون في تعاملهم مع الحراك الشعبي و اللعب على عامل الوقت ، والاقتصارعلى الجلوسهم في مكاتبهم المكيفة يتفرجون بغرور و
تكبرعلى الأوضاع المزرية و لا يأبهون الا برواتبهم السخية و الامتيازات التي
يستفيدون منها بفضل نفوذهم و مكانتهم التسلطية، والاصرار الزج بقوات الامن لقمع و
ترهيب أبناء الشعب ،و هذا تعبير واضح عن
انعدام الرؤية الصحيحة ، والارادة الحقيقية في ايجاد الحلول و العمل على الاستجابة
لأصوات الساكنة التي تعاني الأمرين : أزمة اجتماعية وسوء التدبير للشأن العمومي
المحلي ،ثم عدم الاكتراث بالمسؤولية التي تناط بممثلي الدولة، و هذا ما يتسبب بمزيد
من الكوارث الاجتماعية و السياسية، وقد انتبه
أبناء الريف الى هذا الاستخفاف بمطالبهم المشروعة وصاروا يحسبون ألف حساب
لخطواتهم النضالية كي لا يسقط الجميع في خندق العنف و الهاوية أمام المزيد من المؤامرات
و الاختراقات التي تتربص بالجميع ، وكانت أحداث يوم الأحد الماضي بامزورن خير مثال
على فشل المقاربة الامنية و تخبط السلطات في أزمة مريعة كانت ستؤدي الى كارثة انسانية كان ضحاياها
شباب المنطقة من التلاميذ الذين خرجوا للاحتجاج من أجل مطالب بسيطة ،
ليسقطوا في موجة اعتقالات جديدة و يزج ببعضهم في السجون ، وكاد تهور رجال الشرطة أيضا
و القوات المساعدة أن يصابوا بالعشرات احتراقا و اختناقا في العمارة التي احترقت
بسبب اضرام النار في حافلة و سيارة للشرطة خلال المواجهات ، و كادت أن تؤدي الى
مأساة حقيقية بسبب انعدام الوسائل و التجهيزات اللازمة لتأمين سلامة الجميع من جهة
، و ارتكاب الاخطاء المهنية و عدم احترام القانون في التدخلات القمعية من جهة أخرى
، كما أن الغموض الذي يلف حول ملابسات الحادثة زاد من الامور تعقيدا في تحديد
المسؤوليات و توجيه الاتهامات ، خصوصا بعد موجة الاعتقالات العشوائية التي صاحبت
الحادث ، حيث يتم اعادة نفس الاخطاء و صنع مزيدا من الضحايا و المآسي ، ويبقى
السؤال من المتسبب الحقيقي في هذه الكارثة التي تحتاج الى محاسبة و محاكمة هؤلاء
المسؤولين لمعرفة المذنب في حق الوطن و المواطنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق