الأحد، 30 يوليو 2017

متظاهرون يتصدون لمحاولة اعتقال الزفزافي

تسجيل سابق لناصر الزفزافي يوضح فيه مطالب الحراك الشعبي بالريف

مدونات وأخبار تقدم لكم التسجيل الكامل للخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش 2017

النص الكامل للخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش يوم السبت 30 يوليوز 2017

” الحمد لله ، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز،
تحل اليوم، الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش المجيد ، في سياق وطني حافل بالمكاسب والتحديات.
وهي مناسبة سنوية، لتجديد روابط البيعة المتبادلة التي تجمعنا، والوقوف معك، على أحوال الأمة.
إن المشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية، التي نقوم بها، لها هدف واحد ، هو خدمة المواطن، أينما كان . لا فرق بين الشمال والجنوب، ولا بين الشرق والغرب، ولا بين سكان المدن والقرى.
صحيح أن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب محدودة. وصحيح أيضا أن العديد من المناطق تحتاج إلى المزيد من الخدمات الاجتماعية الأساسية.
إلا أن المغرب، والحمد لله، يتطور باستمرار. وهذا التقدم واضح وملموس، ويشهد به الجميع، في مختلف المجالات.
ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها . فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا ، وثقة كبار المستثمرين ، ك”بوينغ” و “رونو ” و”بوجو ” ، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم.
فإذا كنا قد نجحنا في العديد من المخططات القطاعية، كالفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة، فإن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا ، وتبقى دون طموحنا.
وذلك راجع بالأساس، في الكثير من الميادين ، إلى ضعف العمل المشترك ، وغياب البعد الوطني والإستراتيجي، والتنافر بدل التناسق والالتقائية ، والتبخيس والتماطل ، بدل المبادرة والعمل الملموس.
وتزداد هذه المفارقات حدة ، بين القطاع الخاص، الذي يتميز بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير ، القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز ، وبين القطاع العام ، وخصوصا الإدارة العمومية، التي تعاني من ضعف الحكامة ، ومن قلة المردودية.
فالقطاع الخاص يجلب أفضل الأطر المكونة في بلادنا والتي تساهم اليوم في تسيير أكبر الشركات الدولية بالمغرب، والمقاولات الصغرى والمتوسطة الوطنية .
أما الموظفون العموميون، فالعديد منهم لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم ، ولا تحركهم دائما روح المسؤولية.
بل إن منهم من يقضون سوى أوقات معدودة ، داخل مقر العمل، ويفضلون الاكتفاء براتب شهري مضمون ، على قلته ، بدل الجد والاجتهاد والارتقاء الاجتماعي.
إن من بين المشاكل التي تعيق تقدم المغرب، هو ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة ، أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين.
وعلى سبيل المثال، فإن المراكز الجهوية للاستثمار تعد، باستثناء مركز أو اثنين، مشكلة وعائقا أمام عملية الاستثمار، عوض أن تشكل آلية للتحفيز، ولحل مشاكل المستثمرين، على المستوى الجهوي، دون الحاجة للتنقل إلى الإدارة المركزية.
وهو ما ينعكس سلبا على المناطق، التي تعاني من ضعف الاستثمار الخاص، وأحيانا من انعدامه، ومن تدني مردودية القطاع العام، مما يؤثر على ظروف عيش المواطنين.
فالمناطق التي تفتقر لمعظم المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، ولفرص الشغل، تطرح صعوبات أكبر، وتحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود، لتدارك التأخير والخصاص، لإلحاقها بركب التنمية.
وفي المقابل، فإن الجهات التي تعرف نشاطا مكثفا للقطاع الخاص، كالدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة، تعيش على وقع حركية اقتصادية قوية، توفر الثروة وفرص الشغل.
ولوضع حد لهذا المشكل، فإن العامل والقائد، والمدير والموظف، والمسؤول الجماعي وغيرهم، مطالبون بالعمل، كأطر القطاع الخاص أو أكثر، وبروح المسؤولية وبطريقة تشرف الإدارة، وتعطي نتائج ملموسة، لأنهم مؤتمنون على مصالح الناس.
شعبي العزيز،
إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع.
فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة.
فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة.
أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه.
وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم.
والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل.
وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟.
فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.
وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟
لكل هؤلاء أقول :” كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة ، وإما أن تنسحبوا.
فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون.
ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي ، وأعرف ما أقول … لأنه نابع من تفكير عميق.
شعبي العزيز،
إن مسؤولية وشرف خدمة المواطن، تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة، إلى إنجاز المشاريع، صغيرة كانت، أو متوسطة، أو كبرى.
وكما أقول دائما، ليس هناك فرق بين مشاريع صغيرة وأخرى كبيرة، وإنما هناك مشاريع تهدف لتلبية حاجيات المواطنين.
فسواء كان المشروع في حي، أو دوار ، أو مدينة أو جهة، أو يهم البلاد كلها، فهو يتوخى نفس الهدف، وهو خدمة المواطن. وبالنسبة لي، حفر بئر، مثلا، وبناء سد، لهما نفس الأهمية بالنسبة للسكان.
وما معنى المسؤولية، إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟
أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول ، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعفون بانه ليس له ضمير .
ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟ ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟
وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدإ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب انم يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة.
إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب.
شعبي العزيز،
إني ألح هنا، على ضرورة التفعيل الكامل والسليم للدستور.كما أؤكد أن الأمر يتعلق بمسؤولية جماعية تهم كل الفاعلين، حكومة وبرلمانا، وأحزابا، وكافة المؤسسات، كل في مجال اختصاصه.
ومن جهة أخرى ، عندما يقوم مسؤول بتوقيف أو تعطيل مشروع تنموي أو اجتماعي، لحسابات سياسية أو شخصية، فهذا ليس فقط إخلالا بالواجب،وإنما هو خيانة، لأنه يضر بمصالح المواطنين، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة .
ومما يثير الاستغراب ، أن من بين المسؤولين، من فشل في مهمته. ومع ذلك يعتقد أنه يستحق منصبا أكبر من منصبه السابق.
فمثل هذه التصرفات والاختلالات ، هي التي تزكي الفكرة السائدة لدى عموم المغاربة، بأن التسابق على المناصب، هو بغرض الاستفادة من الريع، واستغلال السلطة والنفوذ.
ووجود أمثلة حية على أرض الواقع، يدفع الناس ، مع الأسف، إلى الاعتقاد بصحة هذه الأطروحة.
غير أن هذا لا ينطبق، ولله الحمد، على جميع المسؤولين الإداريين والسياسيين، بل هناك شرفاء صادقون في حبهم لوطنهم، معروفون بالنزاهة والتجرد، والالتزام بخدمة الصالح العام.
شعبي العزيز،
لقد أبانت الأحداث، التي تعرفها بعض المناطق، مع الأسف، عن انعدام غير مسبوق لروح المسؤولية.
فعوض أن يقوم كل طرف بواجبه الوطني والمهني، ويسود التعاون وتضافر الجهود، لحل مشاكل الساكنة ، انزلق الوضع بين مختلف الفاعلين، إلى تقاذف المسؤولية، وحضرت الحسابات السياسية الضيقة، وغاب الوطن، وضاعت مصالح المواطنين.
إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية.
أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها. وهذا شيئ غير مقبول، من هيآت مهمتها تمثيل وتأطير المواطنين، وخدمة مصالحهم.
ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين.
فتدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيئ للعمل السياسي.
إلا أننا لاحظنا تفضيل أغلب الفاعلين ، لمنطق الربح والخسارة ،للحفاظ على رصيدهم السياسي أو تعزيزه على حساب الوطن، وتفاقم الأوضاع .
إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع.
وأما هذا الفراغ المؤسف والخطير ، وجدت القوات العمومية نفسها وجها لوجه مع الساكنة ،فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وهنا أقصد الحسيمة، رغم أن ما وقع يمكن أن ينطبق على أي منطقة أخرى.
وذلك عكس ما يدعيه البعض من لجوء إلى ما يسمونه بالمقاربة الأمنية، وكأن المغرب فوق بركان، وأن كل بيت وكل مواطن له شرطي يراقبه.
بل هناك من يقول بوجود تيار متشدد، وآخر معتدل، يختلفان بشأن طريقة التعامل مع هذه الأحداث. وهذا غير صحيح تماما.
والحقيقة أن هناك توجها واحدا، والتزاما ثابتا، هو تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم.
ويعرف المغاربة بأن أصحاب هذه الأطروحة المتجاوزة يستغلونها كرصيد للاسترزاق، وكلامهم ليست له أي مصداقية.
وكأن الأمن هو المسؤول عن تسيير البلاد، ويتحكم في الوزراء والمسؤولين، وهو أيضا الذي يحدد الأسعار، الخ…
في حين أن رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا، وفي ظروف صعبة، من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره، داخليا وخارجيا، والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم.
ومن حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم، وهنا أقولها بدون تردد أو مركب نقص : إذا كان بعض العدميين لا يريدون الاعتراف بذلك، أو يرفضون قول الحقيقة، فهذا مشكل يخصهم وحدهم.
شعبي العزيز،
إن النموذج المؤسسي المغربي من الأنظمة السياسية المتقدمة. إلا أنه يبقى في معظمه حبرا على ورق، والمشكل يكمن في التطبيق على أرض الواقع. وإني أحرص كل الحرص على احترام اختصاصات المؤسسات، وفصل السلط .
ولكن إذا تخلف المسؤولون عن القيام بواجبهم، وتركوا قضايا الوطن والمواطنين عرضة للضياع، فإن مهامي الدستورية تلزمني بضمان أمن البلاد واستقرارها، وصيانة مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم.
وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية. ولن نسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات. فالدستور والقانون واضحان، والاختصاصات لا تحتاج إلى تأويل.
وعلى كل مسؤول أن يمارس صلاحياته دون انتظار الإذن من أحد. وعوض أن يبرر عجزه بترديد أسطوانة “يمنعونني من القيام بعملي”، فالأجدر به أن يقدم استقالته، التي لا يمنعه منها أحد.
فالمغرب يجب أن يبقى فوق الجميع، فوق الأحزاب، وفوق الانتخابات، وفوق المناصب الإدارية.
شعبي العزيز،
إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه.
وأعاهدك الله ، على مواصلة العمل الصادق ، وعلى التجاوب مع مطالبك ، ولتحقيق تطلعاتك.
واسمح لي أن أعبر لك عن صادق شعوري ، وكل ما يخالج صدري، بعد ثمانية عشرة سنة، من تحمل أمانة قيادتك. لأنه لا يمكن لي أن اخفي عنك بعض المسائل ، التي تعرفها حق المعرفة . و من واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك.
ستلاحظ شعبي العزيز، أنني لم أتحدث عن قضية وحدتنا الترابية ، ولا عن إفريقيا ، أو غيرها من مواضيع السياسة الخارجية. وبطبيعة الحال، فقضية الصحراء المغربية لا نقاش فيها، وتظل في صدارة الأسبقيات.
إلا أن ما نعمل على تحقيقه اليوم، في جميع جهات المغرب، هو مسيرتك الجديدة. مسيرة التنمية البشرية والاجتماعية والمساواة والعدالة الاجتماعية، التي تهم جميع المغاربة، إذ لا يمكن أن نقوم بمسيرة في منطقة من المناطق دون أخرى.
إننا نستطيع أن نضع أنجع نموذج تنموي، وأحسن المخططات والاستراتيجيات. إلا أنه :
– بدون تغيير العقليات،
– وبدون توفر الإدارة على أفضل الأطر،
– وبدون اختيار الأحزاب السياسية لأحسن النخب المؤهلة لتدبير الشان العام،
– وفي غياب روح المسؤولية ، والالتزام الوطني ، فإننا لن نحقق ما ننشده لجميع المغاربة ، من عيش حر كريم.
. أنا لا أريد، شعبي العزيز، أن تظن بعد الاستماع إلى هذا الخطاب بأنني متشائم،
أبدا… فأنت تعرف أنني واقعي، وأقول الحقيقة، ولو كانت قاسية. والتشاؤم هو انعدام الإرادة، وغياب الآفاق والنظرة الحقيقية للواقع.
ولكننا، والحمد لله، نتوفر على إرادة قوية وصادقة، وعلى رؤية واضحة وبعيدة المدى. إننا نعرف من نحن ، وإلى أين نسير .
والمغرب والحمد لله استطاع عبر تاريخه العريق تجاوز مختلف الصعاب بفضل التلاحم القوي بين العرش والشعب.
وها نحن اليوم، نقطع معا، خطوات متقدمة في مختلف المجالات ، ونتطلع بثقة وعزم، إلى تحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات.
قال تعالى : “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”. صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالىو بركاته

 

الاثنين، 24 يوليو 2017

بيان الاطارات الحقوقية بالحسيمة حول أحداث 20 يوليوز



تابعت الحركة الحقوقية بالحسيمة: فرعي الحسيمة للجمعية المغربية لحقوق الانسان وفروع التنسيق الإقليمي لمنتدى حقوق الانسان لشمال المغرب، بقلق بالغ، المواجهات التي اندلعت بالحسيمة بين قوات الأمن والمتظاهرين خلال مسيرة 20 يوليوز 2017 بسبب إصرار الأمن على منع أي احتجاج أو تجمهر سلمي للتعبير عن الحقوق والمطالب وممارسة حق يكفله للمواطنين والمواطنات الدستور المغربي والمواثيق الدولية لحقوق الانسان باعتبار الحرية حق يعلو على مبررات القانون، حيث شرعت منذ البداية باستعمال القوة غير المتناسبة مع المتظاهرين الذي طاردتهم بالعصي والقنابل المسيلة للدموع في الشوارع ، سقط على إثرها عدد من الضحايا في صفوف المحتجين لعل أخطرها حالة المواطن عماد العتابي الذي يوجد لحد الآن في وضعية حرجة وتتضارب الأنباء حول حقيقة حالته الصحية بسبب إصابته على مستوى الرأس بشظايا القنابل المسيلة للدموع.

إن الحركة الحقوقية بالحسيمة إذ تستغرب لهذا النهج الأمني الصرف حيال انفجار الأوضاع بالحسيمة والتي ازدادت احتدادا مع غياب خيارات أخرى وإصرار السلطات على القمع كأسلوب وحيد وأوحد، حيث اعتقل خلال المسيرة عشرات من المواطنين ولم يتسن التأكد من عددهم والمساطر التي تنوي الجهات الأمنية انتهاجها حيال من أبقي رهن الاعتقال الاحتياطي.

ولاحظت الحركة الحقوقية أن هناك إصرارا كبيرا من طرف الدولة لسحق الحراك بصرف النظر عن تكلفته الحقوقية وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات، خصوصا أن الاحتماء بالقانون أو دولة الحق والقانون من طرف السلطات أمر مردود عليها لأن الساكنة بالحسيمة كرست نهجا للنضال السلمي وظلت طيلة شهور تنظم مسيرات حاشدة دون أن تطالبها نفس الجهة بالقانون، وهو ما يعد مفارقة في خطاب السلطة التي تعد آخر جهة يسمح لها أن تتبجح بالقانون دون أن ينهار منطق خطابها أمام حقائق الواقع، وابانت الأحداث أن كل المسيرات والتظاهرات التي نظمت دون تدخل للسلطة الأمنية كانت جميعها سلمية ولا تحدث ما يشذ عن هذه القاعدة إلا عندما تتدخل السلطات الأمنية لاستعمال القوة وما ينجم عن ذلك من خسائر مادية جسيمة وأضرار بشرية في كلا الطرفين.

وعليه فإن الحركة الحقوقية بالحسيمة تؤكد على ما يلي:

* تطالب بفتح تحقيق في ظروف وملابسات الإصابات التي مست الطرفين، المتظاهرين ورجال الأمن الذي زج بهم في معارك خاسرة، والكشف عن أسباب الإصابة الخطيرة للضحية عماد العتابي.

* رفضها للنهج الأمني المفرط الذي تنتهجه الدولة في الريف.

* تدين الاستعمال المفرط للقوة حيال المتظاهرين وتعبر عن استهجانها للحواجز التي وضعتها على الطرقات لمنع المواطنين من حقهم في الولوج إلى الحسيمة.

* تعبر عن ارتيابها وشكها في طريقة استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فبالإضافة للطابع العشوائي ولعدم وجود أي ضرورة تهدد الامن تفرضها الالتجاء لهذا الأسلوب القمعي، فإن كثير من المواطنين تضرروا داخل منازلهم من جراء تسرب الغاز إلى بيوتهم وما نجم عنه من تأثير على صحة عدد من الأطفال والمسنين.

* تدين كل أشكال المضايقات الممارسة في حق الصحافة أثناء أداء واجبها الإعلامي، حيث تعرض عدد من الصحفيين للاعتقال والعنف أثناء المظاهرات ومنعوا من تصوير مشاهد التدخل العنيف لفرق الامن.

* عدم احترام السلطات الأمنية لمجموعة من الهيئات الحقوقية والإعلامية والسياسية التي توافدت على المدينة بغية المشاركة في مسيرة لا نشك أدنى لحظة أنها كانت ستمر في أجواء نضالية سلمية دون أن يحدث أي عنف أو مواجهة.

* تعتبر أن الإصرار على استعمال القوة وإطلاق الاشاعات قبل المسيرة للتشويش عليها وتسخير كتائب إعلامية للنيل من مصداقيتها، هو سلوك لا ينتمي أبدا إلى فلسفة دولة الحق والقانون بل ينم ، فضلا عن ذلك، عن وجود نية لفرض الأمر الواقع عبر إنزال أقسى العقوبات في حق المعتقلين القابعين في السجون بين الدار البيضاء والحسيمة، هذا في الوقت الذي تشتغل آلة المفاوضات التي يرعاها المجلس الوطني لحقوق الانسان من أجل دفعهم لرهن حريتهم وإطلاق سراحهم بقبول الترويض وهو ما رفضه المعتقلون لحد الآن الذين يطالبون بحريتهم بدون قيد أو شرط.

* على الدولة أن تعترف بأخطاءها وتقر بأنها فرطت في التعامل المعقول مع مطالب المحتجين في الوقت المناسب، والمفرط أولى بالخسارة، وعليها إعلان الحساب وتحمل مسؤوليتها كاملة وأول خطوة في اتجاه ذلك هو إطلاق سراح كافة المعتقلين وتوقيف كل أشكال المتابعات ومباشرة حوارات شفافة مع قيادة الحراك وتقديم كل من كان وراء الاحتقان إلى العدالة لتقول كلمتها في الموضوع والاعتذار للريفيين عما لحق بهم من أضرار.

* تطالب بسن إجراءات فورية من أجل إنقاذ الحسيمة التي تعاني من ضائقة اقتصادية خانقة من شأنها ذلك تعميق أجواء الاحتقان الذي ستكون له آثارا وخيمة على مستقبل المنطقة.

توقيع:

فروع التنسيق الإقليمي لمنتدى حقوق الانسان لشمال المغرب

الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالحسيمة

 


 

الجمعة، 7 يوليو 2017

السجن النافذ لعشرة معتقلين على خلفية أحداث الحراك بالحسيمة

قضت المحكمة الابتدائية بالحسيمة يوم أمس الخميس 06 يوليوز، بالسجن على عشرة معتقلين ينحدرون من الحسيمة والنواحي على خلفية أحداث الحراك الشعبي بالريف و كانت التهمة التي توبع بها المعتقلون كالعادة هي التجمهر غير المرخص ورشق قوات الأمن بالحجارة والخ...، و توزعت الأحكام بين 20 عشرون شهرا في حق أربعة ، و نال ثلاثة آخرين 12 شهرا سجنا نافذا، وحكم على ثلاثة آخرين بستة أشهر.
وتأتي هذه الأحكام استمرارا لسلسلة من المحاكمات التي يتعرض لها العشرات من المواطنين بعد الاعتقلات العشوائية التي تقوم بها القوات العمومية ضد كل من تصادف وخرج في المسيرات الاحتجاجية التي تعرفها مدن الريف للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين، ويتم الزج بهم في السجون لوقف زخم الاحتجاجات السلمية التي تستمر منذ ثمانية أشهر، وتحاول السلطات بهذه الاعتقالات و الأحكام الدفع بالمحتجين للعودة الى منازلهم، بعد أن بات خطر المظاهرات يتمدد نحو المدن الهامشية الاخرى التي تعيش ضغطا اجتماعيا خطيرا، بسبب الأزمة التي تعاني منها هذه المناطق في مجالات الخدمات الاجتماعية العمومية انعدام التنمية المجالية في هذه المناطق مقارنة مع مدن المغرب النافع في المركز و على الساحل الاطلسي، ويتم لا يتم اسكات هذه الاحتجاجات الا عبر نهج سياسة القمع و الترهيب  للتحكم على الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة كما يقع في الريف، والذي يعرف موجة اعتقالات كبيرة لم يسبق أن عرفته المنطقة منذ سنوات الخمسيانات أو ما يسمى بعام "اقبارن" و الثمانينات .       

الخميس، 6 يوليو 2017

صديقي الشهيد أبو حنصل، قصة من وحي الواقع


صديقي الشهيد أبو حنصل، قصة من وحي الواقع 



صديقي أبو حنصل 
كان صديقي أبو حنصل قبل إستشهاده رحمه الله و تقبل منه ، يحكي لي عن معاناته النفسية مع الفقر و الحرمان، لكن رغبته  و إرادته القوية في أن يصنع من نفسه شخصا مهما يخدم العدالة و الإنسانية والحق، من خلال منهجه في الدعوة الى الاسلام، و نشر  مبادئ الاحسان الى الناس رغم اختلاف ملتهم و طوائفهم . 
كان قلبه طيبا وشجاعا لا يخشى في الله لومة لائم ، و لا يكره أحدا ، إلا الظالمين و المتكبرين و مصاصي دماء الفقراء .
أتذكر أننا في ليلة من الليالي ونحن عاكفون في أحد الإعتصامات الإحتجاجية ضد الفساد و الإستبداد السياسي،  منذ عشرين سنة في الرباط، وكنا لا نزال ندرس في الجامعة ، بعد إنتهاءنا من ذلك الحدث النضالي، جلسنا فوق حائط قصر الودايا يطل على البحر، نحكي عن أحلامنا و نتساءل عن هذا القرن الجديد الذي نحن بصدد الدخول إليه ذلك العام ، على الرغم من النكبات التي ستأتي و توالي  الإنكسارات و الهزائم التي تلاحق شعوبنا في مواجهة خصوم الإنسانية، إضافة إلى الغموض الذي يواجهه مستقبلنا الذي نحلم به  كشباب ينشد التغيير و يملك أحلاما مثالية بريئة سرعان ما تنكسر أمام واقع قاسي، وغير مستقر في مغرب الفوارق و الفساد والظلم.
قال لي أبو حنصل المسكين:  و هو يحكي عن زيارته الأخيرة لبلدته البعيدة في عمق جبال الأطلس الصامدة ، أتدري يا أحمد أنا حزين على نفسي و أنا أتذكر ذلك اليوم الذي إستقبلني فيه والدايا، و لأول مرة  نظرت الى وجهيهما بكل تمعن، و هما نائمين القيلولة في الفناء، و تأملت سحناتهما جيدا.
وأضاف و هو يبكي: أتدري يا صديقي رأيت الشيب يعلو فوق رأسيهما و الشيخوخة نالت من جسدهما ، بقيت أنظر اليهما كأنني لم أراهما من قبل ونفسي تبكي يا صديقي لأنني منذ سنين وأنا كنت مشغولا بنفسي ولم أنظر الى قسمات وجهيهما، وانتابني احساس بالخوف والحزن، لأن والدي صارا عجوزين وضعيفين و سيحتاجان الى من سيتكفل بهما، وفكرت في الموت ولوعة الفراق الذي سيأتي يوما ما لا محالة، وبكيت في أعماق نفسي أسفا على نفسي لأني سأخذلهما بسب عجزي و حرماني و فقري في هذا الوطن الجريح الذي يحكمه المال والقوة ، و الفوارق الإجتماعية التي تمارس مستقبلي  لأول مرة وأنا في بداية مشواري في الحياة، و اكتشفت قساوة  العالم من حولي وفهمت سر الوجود و ما يحكم  العلاقات البشرية، التي يسيطر عليها منطق القوة وليس منطق الحق والعدالة والمساواة .
 و أضاف أبو حنصل المسكين و علامات الأسى واليأس تملئ تعابير وجهه : 
إن  إحساسي بالشفقة و الحنان تجاه منظر والداي خلال ذلك اليوم يا لن يفارق تفكيري مهما حييت، لأني اكتشفت دورهما في تكوين شخصيتي و بناء حياتي ومدى مساندتهما لي في كل مراحلها  وتضحيتهما من أجل بناء مستقبلي وسعادتي .
بكى أبو حنصل ذلك اليوم و أبكاني معه، لتنتهي تلك الأيام بفراقنا بعد نهاية السنة الدراسية و عودتنا إلى ديارنا و نحن نقرأ دائما قول ربنا في سورة البقرة : 
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا  لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ  رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا  رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ  وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا  أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾
 البقرة (286﴾.
بعد سنين من ذلك اليوم الحزين، و بعد انتهاء مسارنا الدراسي، و دخولنا في مرحلة جديدة، عالم قاسي و مجهول، فقد إختطفنا واقع البطالة و الضياع والصراعات السياسية الهامشية، تلك الحياة التي كان يخشاها صديقي حنصل، هموم أخرى كانت تنتظرنا و هي البحث عن عمل شريف يكفي حاجتنا في العيش الكريم.
في أحد أيام خريف 2009 حيث كنت بصدد القيام ببعض الأعمال التجارية البسيطة بمدينة فاس، لمحت شخصا أمامي يشبه صديقي حنصل برفقته إمرأة تمشي بخطى ثقيلة ،أشرت إليه بيدي و إقتربت منه و أنا أبتسم، أهلا بك يا صديقي فتعانقنا طويلا و تصافحنا، و جلسنا طويلا و نحن نتذكر تلك الأيام التي خلت، نسترجع خلالها بعض الأحداث المميزة، و عن حالنا و أحوال عائلتينا.
كان في زيارة للمستشفى، برفقة أخته وهي مريضة  جدا، جلسنا وتذاكرنا و ضحكنا و تجادلنا لمدة ساعات، وتكلمنا في السياسة والدين والعائلة والعمل و تكلمنا عن الرفاق والاخوان والسلفيين والأمازيغية و المخزن و وأحوال المدينة و القرية ، وتفرقنا مرة أخرى على أمل اللقاء في مناسبة أخرى.
 
و بعد انطلاق ربيع التغيير سنة 2011 و تزعزعت خلاله عروش بعض الأنظمة الفاسدة، و سقط بعض الديكتاتوريين في مصر وتونس و اليمن و العراق..... من حكام العرب المجرمين، و إنقطعت خلاله أخبار صديقي  أبي حنصل و لم اعد اسمع عنه شيئا ، وسألت عنه معارفه والعائلة ، وقيل لي ربما رحل الى أوروبا و منهم من قال يعيش في  طنجة وبعدها ذهب لسوريا للقتال، الى أن جاءني الخبر اليقين بعد سنة ، أن أبا حنصل سقط شهيدا في الميدان ، يقاوم العدوان كعادته دفاعا عن المظلومين و المستضعفين، سقط برصاصة  قناص جبان ، فاصيب في رأسه ومات في الحين .
 اصابني حزن قاتل و بكيت لثلاثة أيام ، وأنا أتذكر كلماته لما التقينا في مدينة فاس خلال زيارته للمستشفى برفقة أخته المريضة و التي كانت بحاجة الى عملية جراحية عاجلة على القلب:  ماذا عساني أفعل يا أخي أحمد فأنا عاجز عن توفير ثمن العملية وسأعيد أختي الى البيت لتموت ، واذا ماتت فلن أغفر لهذا النظام المفلس الذي تحكمه عصابات أعماها حب السلطة والمال والتكبر في الارض ، ولا يكترثون لهذا الشعب المسكين ، وأردف متسائلا و هو يقبض على ركبتيه بقوة: هل سنموت نحن أيضا على هذه الحال يا احمد مذلولين ضعفاء مقهورين ؟؟؟؟ ألا نستطيع فعل شيئ لتغيير هذا الواقع ، لقد حرمنا من تعليم جيد ثم لم نستطع الحصول على عمل محترم ، والآن نعيش النكبات يا أحمد ؟؟؟ .........

مسكين أبو حنصل الأسد الذي صار ضحية ، و أغتصب مستقبله و حاضره و ماضيه من طرف من لا يخاف الله ولا يرحم الرعية .   

تسجيل يبين رحلة العذاب نحو سجن عكاشة بالدار اليضاء لعائلات معتقلي الحراك السلمي بالريف.. موسم الهجرة نحو الجنوب


الأربعاء، 5 يوليو 2017

جنرالات الذهب.. هل أتاك حديث عساكر الاقتصاد في مصر؟ الجزء الخامس قطاع الغذاء، من يسيطر على غذاء المصريين؟

عمل السيسي خلال العام الماضي من خلال هذا الاستعراض على ضرب رجال الأعمال بمجال السلع الغذائية والتموينية المرتبطين بالمخابرات العامة واحدًا تلو الآخر ثم الإطاحة بوزير التموين المحسوب عليهم أيضًا، وبالنهاية بعد تلك الضربات جعلهم يعملون لكن بعد تقزيم حجمهم، فرفعت الجميل كمثال خرج براءة من قضية رشوته لوزير الزراعة بينما وزير الزراعة الأسبق نفسه حكم عليه بعشر سنوات سجن، والمرجح أن نشهد بالفترة القادمة تصدر الجيش مباشرة باستيراد القمح الروسي ولكن أيضًا من خلال رجال الأعمال الذين يكون منهم الجيش نخبة جديدة كما تقدم، وأهمهم صلاح أبو دنقل وهو المتورط بقضية القمح المسرطن الأوكراني وليس الروسي الشهيرة بعام 2009، ومن الطريف والمثير للدهشة أيضًا أن من دفع بتلك القضية إعلاميًا وفي البرلمان كان مصطفى بكري ولكنه تراجع في حينه بأوامر عليا، ونعتقد أن حينها قد بدأ تحلل أبو دنقل من ارتباطه بحسني مبارك ومجموعة رشيد واتجه للارتباط بالجيش، فلهذا عندما كان مصطفى بكري في خدمة المخابرات العامة حينها أشعل تلك القضية ضده، ثم بعد أحداث الثلاثين من يونيو وترشح السيسي كان أحد كبار المساهمين في تمويل حملة السيسي، ثم مجددًا هو من كبار من تبرعوا لصندوق تحيا مصر – راجع الحلقة السابقة -.  
 والآن هو بالفعل من كبار مستوردي القمح الروسي ، ولكن الخبر الذي سنورده هنا قد وصفه أنه مالك شركة الاتحاد للحبوب بينما الصحيح أنها شركة إماراتية مالكها رجل أعمال إماراتي يدعى علوان عبدون  بينما أبو دنقل مدير لنشاطها بمصر.
 وشركة الاتحاد للحبوب أو مطاحن الاتحاد للحبوب هي جزء من مجموعة الظاهرة القابضة وهي مجموعات شركات إماراتية رائدة بمجال الأغذية والحبوب وصناعة الأعلاف ومضارب الأرز، وتملكها بالأساس الإدارات الحكومية للإمارات السبعة المكونة لدولة الإمارات، فمثلاً مطاحن الاتحاد المذكورة أعلاه هي التي تدير صوامع القمح الاستراتيجية لإمارة العين والمجموعة لديها تفرعات على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فهي تملك وتدير 200 ألف فدان من الأراضي الزراعية على امتداد المنطقة، ففي مصر غير وجودها من خلال مطاحن الاتحاد لديها وجود آخر من خلال شركة فرعية تدعى الظاهرة مصر.
 وكما موضح من بيانات الظاهرة مصر مثلاً تزرع وتنتج شركة الظاهرة مصر على وجه الخصوص نحو 50000 طن من القمح سنويًا مخصصة للاستهلاك المحلي و25000 طن من الذرة.
 وهي الآن شريكة في استصلاح أراضي توشكى على الرغم من العراقيل والتوقف الذي حدث بالمشروع من بعد الثورة، والتوتر المحيط به نظرًا لاستراتجية الزراعة وراء السد العالي وأنها مرتبطة بالسيادة المصرية.
 وكذلك هي الشريك الاول بمشروع استصلاح مليون فدان لزراعة القمح رغم  الجدل عن  جدوى المشروع وإمكانية استئنافه، وهل الأجدى استصلاح أراضي بالظهير الصحراوي أو تطوير أنظمة الري بالوادي والدلتا؟ وهو ما كان يمثل إحدى نقاط الخلاف بين صلاح دياب رئيس مجلس إدارة مجموعة بيكو الزراعية والسيسي حيث اعترض على المشروع والمشاركة به ورسخ التوتر بين صلاح دياب والسيسي ومع ذلك شاركت به مجموعة الظاهرة.
 فالشاهد من هذا الاستعراض أن مجموعة الظاهرة هي أكبر استثمار أجنبي يظهر أمامنا مرتبط بمافيا القمح الروسي وليست مرتبطة بحسب إنما شريك يتكرر وجوده فيما يراه نظام السيسي والجيش مشاريع استراتيجية في الزراعة، وعلى هذا فتحليلنا أنه نظرًا لكون الإمارات هي أكبر شريك تجاري عربي لروسيا وكذلك شريك مميز لروسيا على المستوى السياسي بل وسبق للإمارات من قبل أن وظفت نفوذها السياسي هذا بروسيا من أجل مد العلاقة بين السيسي والحكومة الروسية منذ أن كان وزير دفاع، كذلك ستلعب دورًا رئيسيًا في تسهيل استيراد القمح الروسي لصالح الجيش ليكون المورد الرئيسي لغذاء المصريين.
 والثاني من المرجح أن يكون أبو العينين صاحب سيراميكا كليوباترا الذي تحدثنا عنه بالحلقة السابقة، وأهميته للسيسي في العلاقة مع أمريكا، فهو لديه شركة اسمها كليوباترا للاستصلاح الزراعي ويمكن أن يكون هو الوحيد بجانب الجيش الذي دخل باستصلاح اراضي شرق العوينات لزراعة القمح وهذا ضمن مشروع محور قناة السويس الذي سنتحدث عنه خلال الحلقات القادمة.
 هذا أيضًا لكي ندرك أبعاده، فكما نوهنا بالمقدمة وبالنموذج المقترح لاقتصاد العسكر أن أحد دوافع تحرك اقتصاد العسكر هو الاحتياج للسيطرة على قاعدة الجمهور المصري وضمان ولائها فإن لم تكن تلك السيطرة عبر السلع الأساسية والتموينية كأهم أداة فبماذا تكون؟!
 ولهذا فليس بغريب أن يدخل رجال أعمال آخرون وشركات حكومية مجال القمح والسلع الغذائية عمومًا حتى لو لم يكن هذا نشاطها وإنما بهدف تعزيز سيطرتها ضمن الصراع الدائر، ونكتفي هنا بمثالين من القطاع الخاص وهما نجيب ساويرس حيث يمتلك شركة تدعى النيل لإنتاج سكر البنجر وكذلك سامي سعد صاحب توكيل مرسيدس حيث يمتلك هو الآخر شركة لتوريد القمح - راجع بالحلقة الماضية التضرر الذي حدث لمرسيدس مصر من قرارات عبلة عبد اللطيف -، بل حتى شركات حكومية كبتروجيت دخلت أيضًا مجال إنتاج الحبوب الغذائية والقمح خصيصًا أيضًا كنشاط جانبي.
 ولهذا يجب علينا الانتباه والتذكير بأن الجيش عقب قرار التعويم عمد إلى إجراءين الأول هو توفير السلع التموينية الأساسية عبر منافذ القوات المسلحة والثاني هو أنها شرعت في تولي تنفيذ بطاقات التموين والسلع المدعمة الذكية، ونوهنا أن هذا المشروع يتم بالتعاون والشراكة مع مجموعة الخرافي، وهذا ضمن إطار آخر وهو سعي المخابرات الحربية لتكوين قاعدة بيانات خاصة بها مستقلة عن الرقم القومي الذي يتبع لوزارة الداخلية وقاعدة البيانات المتوفرة للمخابرات العامة عبر الهيئة القومية للاتصالات.
 على كل، كما سبق ونوهنا فإن المخابرات العامة نشاطها بمجال الأغذية ضمن أدوات السياسة الخارجية وخاصة تصدير الغذاء لإفريقيا وخاصة دول حوض النيل ومنها أوغندا التي زارها السيسي مؤخرًا، فلهذا تتكون مصلحة أكبر كما بكل ملف تجعل التنافس محكوم ولا ينبئ بخطر مهدد للنظام ككل.  
 فلهذا على الرغم من أن أزمة السكر تفجرت عقب إقالة خالد حنفي مباشرة وربما كرد على تعطيل استيراد القمح الفرنسي فإن الدولة بعد قرار التعويم مباشرة ألغت الجمارك على استيراد الدواجن خصيصًا لصالح شركة ميدي تريد التي تدار من قبل المخابرات العامة والتي أيضًا تنشط بمجال التصدير الغذائي لإفريقيا كما نوهنا أعلاه، وكذلك لها نشاط جانبي في تصدير السلاح للدول الإفريقية، ومن ثم بعد أن دخلت شحنة الدواجن التابعة للمخابرات السوق المصرية، أعادت الدولة الجمارك على استيراد الدواجن!
 مع ملاحظة أن رئيسها الحالي هو اللواء أحمد رفعت من المخابرات العامة أيضًا الأساسية بعهد الوزير خالد حنفي.
لهذا فليس بغريب نهائي أن نسمع عن قافلة تابعة للمخابرات العامة لبيع السلع الأساسية.  


عموما فالمنطق هنا من قبل الجيش في التعامل أنه يسمح بجزء محدود تتولاه المخابرات العامة ويقتطع أجزاء، ولكن الأهم محاصرة رجال الأعمال المحسوبين عليها، ولهذا المرجح أن الحملة الإعلامية والشائعات التي روجت أن صفقة الدواجن كانت لصالح أحمد الوكيل كانت من قبل الجيش، وكذلك أيضًا يجب التذكير بأن المتضررين من استيراد الدواجن هو مجددًا معتز الألفي الذي تحدثنا عنه بالحلقة الماضية وإحدى شركاته هي القاهرة للدواجن التي تعد أكبر شركة لإنتاج الدواجن المحلية في مصر والتي بالفعل تأثرت سلبا بسبب هذا القرار وتراجع سهمها فوق الـ2% بالسالب لتسجل تراجع إجمالي خلال الربع المالي الحالي إلى 34%.
وهذا ضمن إطار التضييق على معتز الألفي وبنفس الوقت التوسع مع شركائه من مجموعة الخرافي.
 فتزامنًا مع هذا تم مع شركة أفريكانا التي يشارك من خلالها معتز الألفي في القاهرة للدواجن من قبل جهاز حماية المستهلك الذي يرؤسه لواء جيش سابق هو اللواء عاطف يعقوب، وهو ما يوضح لنا أكثر دور الأجهزة البيروقراطية من خلال رؤسائها اللواءات في صراع الجيش الاقتصادي مع رجال الأعمال.
ثم بعده بفترة وجيزة يتم الآن التحقيق في أن شركة هاينز للصلصة التي تشارك بها أيضًا أمريكانا تستخدم طماطم فاسدة في منتجها.
فالمستخلص من خلال تلك الأزمة أيضًا أنه يتم استمرار تقزيم رجال الأعمال غير المرضي عنهم.
 على كل يجب التنويه أن تقاطع الجيش مباشرة مع مسألة الدواجن أو اللحوم المستوردة عمومًا يأتي من خلال تحكمه بالحدود والمحاجر الصحية على الحدود.
 وهناك روايات متواترة عديدة على سبيل المثال أن الجيش يعرقل دخول شحنات الدواجن المستوردة التي ليس لدى مستوردها اتفاق مع ضابط جيش أو شخص على صلة بضابط جيش عن طريق رفضها بالمحجر الصحي والحكم عليها بكونها غير مطابقة للمواصفات، ومن ثم تظل الشحنة عالقة في البحر أمام السواحل المصرية، ثم يتم استقبالها بشكل غير رسمي عبر أحد مواني سيناء على البحر الأحمر أو المتوسط لصالح ضباط جيش بنصف الثمن الذي كانت ستشترى به لو كانت دخلت رسميًا من المحجر الصحي ومن ثم يعاد بيعها عبر ضباط الجيش لتغطي احتياجات الفنادق السياحية بجنوب سيناء وشرم الشيخ.
 رغم أن هذا يمكن وصفه بشبكة مصالح فرعية وليس ضمن "بيزنس" الجيش الرسمي ولكنه مهم لنختم به في هذا المجال: كيف يتعامل الجيش مع محتكري استيراد اللحوم؟
 إن مجال اللحوم يكاد يكون من المجالات الاحتكارية بحق، فالأسماء بهذا المجال لا تتغير وهم 15 رجل أعمال نورد أسماءهم بهذا التقرير الذي نشر منذ سبع سنوات كاملة ومع ذلك ومع كل التغييرات العاصفة بمصر لم يتغير وضعهم.
بجانب الأسماء أعلاه يوجد اسم مجموعة النجار التي يرؤسها الآن حمدي النجار نجل مصطفى النجار مؤسس المجموعة وهو - أي حمدي - رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية الذي يرؤسه الوكيل، وكذلك أيضًا لديه حصة بتوريد القمح ولكنها ليست أساسية كمن سبق ذكرهم، وإنما من باب تأمين مصالحه بدخوله في قطاع سيادي مثل هذا كساويرس وسامي.
 من هذا المدخل أيضًا نفسر دخول مجموعة هيرميس مؤخرًا في عهد مرسي من خلال شركة العين السخنة للحوم التي تستورد لحوم أسترالية.

 وقد تحدث السيسي عن هؤلاء بوصفهم كما هو بالتقرير 15 رجلاً يحتكرون اللحوم وهذا بـ2014، ولكن هؤلاء من القوة بحيث لم يستطع الجيش أن يحل عوضًا عنهم في استيراد اللحوم، فبالتالي هذا التكتل استطاع أن يصل إلى تسوية مع الجيش من خلال كون الجيش هو الذي يتحكم في المحاجر الصحية على الحدود وبالتالي يتحكم في دخول اللحوم إلى مصر وهم بدورهم يتحكمون بالمنشأ الاستيرادي، فبالتالي أصبح الجيش الآن يحصل على حصة من الريع الناتج عن هذا الاحتكار من قبل هذا التكتل.

اعادة ترتيب و صياغة الموضوع :

جنرالات الذهب.. هل أتاك حديث عساكر الاقتصاد في مصر؟ سلسلة تحلليلية  لبنية النظام الأوليجارشي العسكري في مصر (ستة أجزاء) :

-    نقلا عن موقع نون بوست المصري الذي أنجز الدراسة مشكورا في اسم هيئة تحريره.
-   محمد حسني : باحث معلوماتي .  و  أسامة الصياد : مساعد باحث ومنسق الملف من جانب نون بوست .

نيويورك تايمز تفضح منصور بن زايد: منسق نشر الفوضى والحروب الأهلية

  فضائح الإمارات في   يونيو 30, 2025 نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا مطولا عن نائب رئيس دولة الإمارات منصور بن زايد آل نهيان، ووصف...