Translate

الأربعاء، 5 يوليو 2017

جنرالات الذهب.. هل أتاك حديث عساكر الاقتصاد في مصر؟ الجزء الخامس قطاع الغذاء، من يسيطر على غذاء المصريين؟

عمل السيسي خلال العام الماضي من خلال هذا الاستعراض على ضرب رجال الأعمال بمجال السلع الغذائية والتموينية المرتبطين بالمخابرات العامة واحدًا تلو الآخر ثم الإطاحة بوزير التموين المحسوب عليهم أيضًا، وبالنهاية بعد تلك الضربات جعلهم يعملون لكن بعد تقزيم حجمهم، فرفعت الجميل كمثال خرج براءة من قضية رشوته لوزير الزراعة بينما وزير الزراعة الأسبق نفسه حكم عليه بعشر سنوات سجن، والمرجح أن نشهد بالفترة القادمة تصدر الجيش مباشرة باستيراد القمح الروسي ولكن أيضًا من خلال رجال الأعمال الذين يكون منهم الجيش نخبة جديدة كما تقدم، وأهمهم صلاح أبو دنقل وهو المتورط بقضية القمح المسرطن الأوكراني وليس الروسي الشهيرة بعام 2009، ومن الطريف والمثير للدهشة أيضًا أن من دفع بتلك القضية إعلاميًا وفي البرلمان كان مصطفى بكري ولكنه تراجع في حينه بأوامر عليا، ونعتقد أن حينها قد بدأ تحلل أبو دنقل من ارتباطه بحسني مبارك ومجموعة رشيد واتجه للارتباط بالجيش، فلهذا عندما كان مصطفى بكري في خدمة المخابرات العامة حينها أشعل تلك القضية ضده، ثم بعد أحداث الثلاثين من يونيو وترشح السيسي كان أحد كبار المساهمين في تمويل حملة السيسي، ثم مجددًا هو من كبار من تبرعوا لصندوق تحيا مصر – راجع الحلقة السابقة -.  
 والآن هو بالفعل من كبار مستوردي القمح الروسي ، ولكن الخبر الذي سنورده هنا قد وصفه أنه مالك شركة الاتحاد للحبوب بينما الصحيح أنها شركة إماراتية مالكها رجل أعمال إماراتي يدعى علوان عبدون  بينما أبو دنقل مدير لنشاطها بمصر.
 وشركة الاتحاد للحبوب أو مطاحن الاتحاد للحبوب هي جزء من مجموعة الظاهرة القابضة وهي مجموعات شركات إماراتية رائدة بمجال الأغذية والحبوب وصناعة الأعلاف ومضارب الأرز، وتملكها بالأساس الإدارات الحكومية للإمارات السبعة المكونة لدولة الإمارات، فمثلاً مطاحن الاتحاد المذكورة أعلاه هي التي تدير صوامع القمح الاستراتيجية لإمارة العين والمجموعة لديها تفرعات على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فهي تملك وتدير 200 ألف فدان من الأراضي الزراعية على امتداد المنطقة، ففي مصر غير وجودها من خلال مطاحن الاتحاد لديها وجود آخر من خلال شركة فرعية تدعى الظاهرة مصر.
 وكما موضح من بيانات الظاهرة مصر مثلاً تزرع وتنتج شركة الظاهرة مصر على وجه الخصوص نحو 50000 طن من القمح سنويًا مخصصة للاستهلاك المحلي و25000 طن من الذرة.
 وهي الآن شريكة في استصلاح أراضي توشكى على الرغم من العراقيل والتوقف الذي حدث بالمشروع من بعد الثورة، والتوتر المحيط به نظرًا لاستراتجية الزراعة وراء السد العالي وأنها مرتبطة بالسيادة المصرية.
 وكذلك هي الشريك الاول بمشروع استصلاح مليون فدان لزراعة القمح رغم  الجدل عن  جدوى المشروع وإمكانية استئنافه، وهل الأجدى استصلاح أراضي بالظهير الصحراوي أو تطوير أنظمة الري بالوادي والدلتا؟ وهو ما كان يمثل إحدى نقاط الخلاف بين صلاح دياب رئيس مجلس إدارة مجموعة بيكو الزراعية والسيسي حيث اعترض على المشروع والمشاركة به ورسخ التوتر بين صلاح دياب والسيسي ومع ذلك شاركت به مجموعة الظاهرة.
 فالشاهد من هذا الاستعراض أن مجموعة الظاهرة هي أكبر استثمار أجنبي يظهر أمامنا مرتبط بمافيا القمح الروسي وليست مرتبطة بحسب إنما شريك يتكرر وجوده فيما يراه نظام السيسي والجيش مشاريع استراتيجية في الزراعة، وعلى هذا فتحليلنا أنه نظرًا لكون الإمارات هي أكبر شريك تجاري عربي لروسيا وكذلك شريك مميز لروسيا على المستوى السياسي بل وسبق للإمارات من قبل أن وظفت نفوذها السياسي هذا بروسيا من أجل مد العلاقة بين السيسي والحكومة الروسية منذ أن كان وزير دفاع، كذلك ستلعب دورًا رئيسيًا في تسهيل استيراد القمح الروسي لصالح الجيش ليكون المورد الرئيسي لغذاء المصريين.
 والثاني من المرجح أن يكون أبو العينين صاحب سيراميكا كليوباترا الذي تحدثنا عنه بالحلقة السابقة، وأهميته للسيسي في العلاقة مع أمريكا، فهو لديه شركة اسمها كليوباترا للاستصلاح الزراعي ويمكن أن يكون هو الوحيد بجانب الجيش الذي دخل باستصلاح اراضي شرق العوينات لزراعة القمح وهذا ضمن مشروع محور قناة السويس الذي سنتحدث عنه خلال الحلقات القادمة.
 هذا أيضًا لكي ندرك أبعاده، فكما نوهنا بالمقدمة وبالنموذج المقترح لاقتصاد العسكر أن أحد دوافع تحرك اقتصاد العسكر هو الاحتياج للسيطرة على قاعدة الجمهور المصري وضمان ولائها فإن لم تكن تلك السيطرة عبر السلع الأساسية والتموينية كأهم أداة فبماذا تكون؟!
 ولهذا فليس بغريب أن يدخل رجال أعمال آخرون وشركات حكومية مجال القمح والسلع الغذائية عمومًا حتى لو لم يكن هذا نشاطها وإنما بهدف تعزيز سيطرتها ضمن الصراع الدائر، ونكتفي هنا بمثالين من القطاع الخاص وهما نجيب ساويرس حيث يمتلك شركة تدعى النيل لإنتاج سكر البنجر وكذلك سامي سعد صاحب توكيل مرسيدس حيث يمتلك هو الآخر شركة لتوريد القمح - راجع بالحلقة الماضية التضرر الذي حدث لمرسيدس مصر من قرارات عبلة عبد اللطيف -، بل حتى شركات حكومية كبتروجيت دخلت أيضًا مجال إنتاج الحبوب الغذائية والقمح خصيصًا أيضًا كنشاط جانبي.
 ولهذا يجب علينا الانتباه والتذكير بأن الجيش عقب قرار التعويم عمد إلى إجراءين الأول هو توفير السلع التموينية الأساسية عبر منافذ القوات المسلحة والثاني هو أنها شرعت في تولي تنفيذ بطاقات التموين والسلع المدعمة الذكية، ونوهنا أن هذا المشروع يتم بالتعاون والشراكة مع مجموعة الخرافي، وهذا ضمن إطار آخر وهو سعي المخابرات الحربية لتكوين قاعدة بيانات خاصة بها مستقلة عن الرقم القومي الذي يتبع لوزارة الداخلية وقاعدة البيانات المتوفرة للمخابرات العامة عبر الهيئة القومية للاتصالات.
 على كل، كما سبق ونوهنا فإن المخابرات العامة نشاطها بمجال الأغذية ضمن أدوات السياسة الخارجية وخاصة تصدير الغذاء لإفريقيا وخاصة دول حوض النيل ومنها أوغندا التي زارها السيسي مؤخرًا، فلهذا تتكون مصلحة أكبر كما بكل ملف تجعل التنافس محكوم ولا ينبئ بخطر مهدد للنظام ككل.  
 فلهذا على الرغم من أن أزمة السكر تفجرت عقب إقالة خالد حنفي مباشرة وربما كرد على تعطيل استيراد القمح الفرنسي فإن الدولة بعد قرار التعويم مباشرة ألغت الجمارك على استيراد الدواجن خصيصًا لصالح شركة ميدي تريد التي تدار من قبل المخابرات العامة والتي أيضًا تنشط بمجال التصدير الغذائي لإفريقيا كما نوهنا أعلاه، وكذلك لها نشاط جانبي في تصدير السلاح للدول الإفريقية، ومن ثم بعد أن دخلت شحنة الدواجن التابعة للمخابرات السوق المصرية، أعادت الدولة الجمارك على استيراد الدواجن!
 مع ملاحظة أن رئيسها الحالي هو اللواء أحمد رفعت من المخابرات العامة أيضًا الأساسية بعهد الوزير خالد حنفي.
لهذا فليس بغريب نهائي أن نسمع عن قافلة تابعة للمخابرات العامة لبيع السلع الأساسية.  


عموما فالمنطق هنا من قبل الجيش في التعامل أنه يسمح بجزء محدود تتولاه المخابرات العامة ويقتطع أجزاء، ولكن الأهم محاصرة رجال الأعمال المحسوبين عليها، ولهذا المرجح أن الحملة الإعلامية والشائعات التي روجت أن صفقة الدواجن كانت لصالح أحمد الوكيل كانت من قبل الجيش، وكذلك أيضًا يجب التذكير بأن المتضررين من استيراد الدواجن هو مجددًا معتز الألفي الذي تحدثنا عنه بالحلقة الماضية وإحدى شركاته هي القاهرة للدواجن التي تعد أكبر شركة لإنتاج الدواجن المحلية في مصر والتي بالفعل تأثرت سلبا بسبب هذا القرار وتراجع سهمها فوق الـ2% بالسالب لتسجل تراجع إجمالي خلال الربع المالي الحالي إلى 34%.
وهذا ضمن إطار التضييق على معتز الألفي وبنفس الوقت التوسع مع شركائه من مجموعة الخرافي.
 فتزامنًا مع هذا تم مع شركة أفريكانا التي يشارك من خلالها معتز الألفي في القاهرة للدواجن من قبل جهاز حماية المستهلك الذي يرؤسه لواء جيش سابق هو اللواء عاطف يعقوب، وهو ما يوضح لنا أكثر دور الأجهزة البيروقراطية من خلال رؤسائها اللواءات في صراع الجيش الاقتصادي مع رجال الأعمال.
ثم بعده بفترة وجيزة يتم الآن التحقيق في أن شركة هاينز للصلصة التي تشارك بها أيضًا أمريكانا تستخدم طماطم فاسدة في منتجها.
فالمستخلص من خلال تلك الأزمة أيضًا أنه يتم استمرار تقزيم رجال الأعمال غير المرضي عنهم.
 على كل يجب التنويه أن تقاطع الجيش مباشرة مع مسألة الدواجن أو اللحوم المستوردة عمومًا يأتي من خلال تحكمه بالحدود والمحاجر الصحية على الحدود.
 وهناك روايات متواترة عديدة على سبيل المثال أن الجيش يعرقل دخول شحنات الدواجن المستوردة التي ليس لدى مستوردها اتفاق مع ضابط جيش أو شخص على صلة بضابط جيش عن طريق رفضها بالمحجر الصحي والحكم عليها بكونها غير مطابقة للمواصفات، ومن ثم تظل الشحنة عالقة في البحر أمام السواحل المصرية، ثم يتم استقبالها بشكل غير رسمي عبر أحد مواني سيناء على البحر الأحمر أو المتوسط لصالح ضباط جيش بنصف الثمن الذي كانت ستشترى به لو كانت دخلت رسميًا من المحجر الصحي ومن ثم يعاد بيعها عبر ضباط الجيش لتغطي احتياجات الفنادق السياحية بجنوب سيناء وشرم الشيخ.
 رغم أن هذا يمكن وصفه بشبكة مصالح فرعية وليس ضمن "بيزنس" الجيش الرسمي ولكنه مهم لنختم به في هذا المجال: كيف يتعامل الجيش مع محتكري استيراد اللحوم؟
 إن مجال اللحوم يكاد يكون من المجالات الاحتكارية بحق، فالأسماء بهذا المجال لا تتغير وهم 15 رجل أعمال نورد أسماءهم بهذا التقرير الذي نشر منذ سبع سنوات كاملة ومع ذلك ومع كل التغييرات العاصفة بمصر لم يتغير وضعهم.
بجانب الأسماء أعلاه يوجد اسم مجموعة النجار التي يرؤسها الآن حمدي النجار نجل مصطفى النجار مؤسس المجموعة وهو - أي حمدي - رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية الذي يرؤسه الوكيل، وكذلك أيضًا لديه حصة بتوريد القمح ولكنها ليست أساسية كمن سبق ذكرهم، وإنما من باب تأمين مصالحه بدخوله في قطاع سيادي مثل هذا كساويرس وسامي.
 من هذا المدخل أيضًا نفسر دخول مجموعة هيرميس مؤخرًا في عهد مرسي من خلال شركة العين السخنة للحوم التي تستورد لحوم أسترالية.

 وقد تحدث السيسي عن هؤلاء بوصفهم كما هو بالتقرير 15 رجلاً يحتكرون اللحوم وهذا بـ2014، ولكن هؤلاء من القوة بحيث لم يستطع الجيش أن يحل عوضًا عنهم في استيراد اللحوم، فبالتالي هذا التكتل استطاع أن يصل إلى تسوية مع الجيش من خلال كون الجيش هو الذي يتحكم في المحاجر الصحية على الحدود وبالتالي يتحكم في دخول اللحوم إلى مصر وهم بدورهم يتحكمون بالمنشأ الاستيرادي، فبالتالي أصبح الجيش الآن يحصل على حصة من الريع الناتج عن هذا الاحتكار من قبل هذا التكتل.

اعادة ترتيب و صياغة الموضوع :

جنرالات الذهب.. هل أتاك حديث عساكر الاقتصاد في مصر؟ سلسلة تحلليلية  لبنية النظام الأوليجارشي العسكري في مصر (ستة أجزاء) :

-    نقلا عن موقع نون بوست المصري الذي أنجز الدراسة مشكورا في اسم هيئة تحريره.
-   محمد حسني : باحث معلوماتي .  و  أسامة الصياد : مساعد باحث ومنسق الملف من جانب نون بوست .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق