Translate

الأحد، 25 ديسمبر 2016

كيف نحرر الحراك الشعبي من النخب الريعية والانتهازيين ( الجزء2)



يجمع  كل  المهتمين  بنضالات  الشعوب  التي  تقاوم   الاستبداد  و  الاستغلال  ، أن  الأسباب  الأساسية  لاندلاع  أية  حركة  احتجاجية  مهما  تعددت  مكوناتها  السياسية  و اتجاهاتها  الايديولوجية  (يساري، يميني، اسلامي ، علماني ،  ليبرالي ، اشتراكي ....)  تتحدد  في  وجود  أزمة  اقتصادية  تأثر  على  الوضع  الاجتماعي ، و سيادة  أزمة  سياسية  مثل  غياب  الديموقراطية  و فساد  نظام  الحكم  ، و سيادة  الفقر  و  الجهل  و انعدام  التنمية  و تدهور  الحريات  و  الحقوق  الأساسية  للمواطنين .

وترتبط  هذه  الاسباب  بتأثيرات  جيوسياسية  داخلية  و خارجية   تساهم  في  تفجير  التناقضات  الذاتية  و الموضوعية  واعادة  انتاج   التوازنات  و  ترجيحها  لصالح  طرف  ضد  طرف  آخر ، و انطلاقا  من  دور  الأزمة  في   في  بلورة  الشعور  بالانتماء  الطبقي  و استمرارها  في  جل  هياكل  الدولة  السياسية   منها  و  الاجتماعية  و سيادة  الفساد  و عدم  الكفاءة  في  التسيير  و  التدبير ،  حيث  حاول  النظام  المخزني في المغرب منذ  أن حصل على الاستقلال  الشكلي  في بناء  بنيته  بالاعتماد  على  مختلف  الوسائل  من  قمع  للخصوم  و  اضعافهم  و  انشاء  قوى  سياسية  و  اجتماعية  مرتبطة  به  ، ثم  تكريس  التبعية  الاقتصادية  و  السياسية  و الثقافية  للاستعمار  و ربط  وجوده  و مصالحه  بمصالح  تلك  القوى  ، و  منذ  الثمانينات  الى  يومنا  هذا  و مع  استمرار  العجز  في  الميزانيات  العامة  و ارتفاع  الديون ، و  اشتداد  الركود  الاقتصادي  الذي  ترك  تأثيرا  واضحا  على  الأوضاع  الاقتصادية  والاجتماعية   ، بدأ  المخزن  في  تدبير  الأزمة  عبر  اتباع  سياسات  التقويم  الهيكلي  التي  تمليها  عليه  القوى  الدائنة  التي تشكل تهديدا  على  سيادته  و  امنه  الاجتماعي  و  الاقتصادي ، عبر  تخفيض   قيمة  الدرهم  وتعويم  الصرف ، و الزيادة  في  الضرائب  الغير  المباشرة  و الرسوم  ، و تخفيض  الدعم  الموجه  للخدمات   العمومية  و  الاجتماعية  ،  و اطلاق  آليات  السوق  حيث  تم  خوصصة  المؤسسات  العمومية  و الزيادة  في  أسعار  الطاقة  الخ.... كل  ذلك  أثر  بشكل  كبير  على  التوزيع  العادل  للدخل  الوطني  و  تراكمت  الثروة  في  يد  النخب  والشرائح  الرأسمالية  المرتبطة  بالرأسمال  الاجنبي   وتلك  التي  تستغل  السلطة  و  النفوذ  للاستفادة  من  الريع  السياسي  و الاقتصادي  و احتكار  المؤسسات  الاقتصادية  الحيوية  التي  تم  خوصصتها  على  حساب  عمال  المدن  و  البوادي  و  الفلاحين  الصغار  و  القطاعات  الهامشية  و بعض  الفئات  من  الطبقة  المتوسطة  .

  وقد أثر  هذا  الوضع   في العلاقة  بين  هذه  القوى  الى  ظهور  نوع   من  التمايز   بينها  في  عدم الاستفادة  بطريقة  عادلة  من الثروات  المادية  و الخدمات  الاجتماعية  ، الى  جانب  التمايز  على  المستوى  الجغرافي  و  الترابي  ثم  الثقافي  واللغوي  بين  ما  يعرف  بالمغرب  المهمش  و المغرب النافع  ، و انطلاقا  من هذه  الظواهر   يبدأ  التساؤل   حول  دور  الدولة  في  خلق  التوازنات  و حماية  هذه  الفئات  والشرائح  الضعيفة  المكونة  لأسفل  الهرم  الاجتماعي  في  المغرب  ، و التي  تعيش  وضعا  مزريا  قابلا  للانفجار  لأن  مصالحها  تتناقض  مع  السياسات  و المخططات  المخزنية  التي  يتم  اسقاطها  و فرضها  من  المركز  مع  الاعتماد  على  الاعيان  المحليين   دون  الاخذ   بيعين  الاعتبار للظروف  التي  سبق  ذكرها  ،  و يقتصر  رد  فعل  الدولة    دائما  على   الحلول  الأمنية  التي  تعتمد   الوسائل  القمعية  و  الزجرية  على  حساب   الحلول  الانسانية   المنصفة  التي  تتسم  بالمرونة  و  رد  الاعتبار  للمواطن  الذي  يملك  الحق  في  رد  الاعتبار  لوجوده  الانساني  قبل  وجوده  الطبقي  و  الاجتماعي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق