يجمع
كل المهتمين بنضالات
الشعوب التي تقاوم الاستبداد
و الاستغلال ، أن
الأسباب الأساسية لاندلاع
أية حركة احتجاجية
مهما تعددت مكوناتها
السياسية و اتجاهاتها الايديولوجية
(يساري، يميني، اسلامي ، علماني ، ليبرالي
، اشتراكي ....) تتحدد في
وجود أزمة اقتصادية
تأثر على الوضع
الاجتماعي ، و سيادة أزمة سياسية
مثل غياب الديموقراطية
و فساد نظام الحكم ،
و سيادة الفقر و
الجهل و انعدام التنمية و تدهور الحريات
و الحقوق الأساسية
للمواطنين .
وترتبط
هذه الاسباب بتأثيرات
جيوسياسية داخلية و خارجية تساهم في تفجير التناقضات
الذاتية و الموضوعية واعادة
انتاج التوازنات
و ترجيحها لصالح طرف ضد طرف آخر ، و انطلاقا من دور الأزمة
في في بلورة
الشعور بالانتماء الطبقي
و استمرارها في جل هياكل الدولة
السياسية منها و
الاجتماعية و سيادة الفساد
و عدم الكفاءة في التسيير و
التدبير ، حيث حاول
النظام المخزني في المغرب منذ أن حصل على الاستقلال
الشكلي في بناء بنيته بالاعتماد على مختلف الوسائل
من قمع للخصوم
و اضعافهم و
انشاء قوى سياسية
و اجتماعية مرتبطة
به ، ثم تكريس
التبعية الاقتصادية و السياسية و الثقافية
للاستعمار و ربط وجوده
و مصالحه بمصالح تلك
القوى ، و منذ
الثمانينات الى يومنا
هذا و مع استمرار
العجز في الميزانيات
العامة و ارتفاع الديون ، و
اشتداد الركود الاقتصادي الذي
ترك تأثيرا واضحا
على الأوضاع الاقتصادية
والاجتماعية ، بدأ
المخزن في تدبير
الأزمة عبر اتباع
سياسات التقويم الهيكلي
التي تمليها عليه
القوى الدائنة التي تشكل تهديدا على سيادته
و امنه الاجتماعي
و الاقتصادي ، عبر تخفيض قيمة
الدرهم وتعويم الصرف ، و الزيادة في
الضرائب الغير المباشرة
و الرسوم ، و تخفيض الدعم
الموجه للخدمات العمومية
و الاجتماعية ، و
اطلاق آليات السوق حيث تم
خوصصة المؤسسات العمومية
و الزيادة في أسعار
الطاقة الخ.... كل ذلك
أثر بشكل كبير
على التوزيع العادل
للدخل الوطني و
تراكمت الثروة في
يد النخب والشرائح
الرأسمالية المرتبطة بالرأسمال
الاجنبي وتلك
التي تستغل السلطة
و النفوذ للاستفادة
من الريع السياسي
و الاقتصادي و احتكار المؤسسات
الاقتصادية الحيوية التي
تم خوصصتها على
حساب عمال المدن
و البوادي و
الفلاحين الصغار و
القطاعات الهامشية و بعض
الفئات من الطبقة
المتوسطة .
وقد
أثر هذا
الوضع في العلاقة بين
هذه القوى الى
ظهور نوع من
التمايز بينها في
عدم الاستفادة بطريقة عادلة من الثروات
المادية و الخدمات الاجتماعية ، الى
جانب التمايز على
المستوى الجغرافي و
الترابي ثم الثقافي
واللغوي بين ما
يعرف بالمغرب المهمش
و المغرب النافع ، و انطلاقا من هذه
الظواهر يبدأ
التساؤل حول
دور الدولة في
خلق التوازنات و حماية
هذه الفئات والشرائح
الضعيفة المكونة لأسفل
الهرم الاجتماعي في
المغرب ، و التي تعيش
وضعا مزريا قابلا
للانفجار لأن مصالحها
تتناقض مع السياسات
و المخططات المخزنية التي
يتم اسقاطها و فرضها
من المركز مع
الاعتماد على الاعيان
المحليين دون
الاخذ بيعين الاعتبار للظروف التي
سبق ذكرها ، و
يقتصر رد
فعل الدولة دائما
على الحلول الأمنية
التي تعتمد الوسائل
القمعية و الزجرية
على حساب الحلول
الانسانية المنصفة التي
تتسم بالمرونة و
رد الاعتبار للمواطن
الذي يملك الحق
في رد الاعتبار
لوجوده الانساني قبل
وجوده الطبقي و الاجتماعي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق