Translate

السبت، 5 أغسطس 2023

مقال توفيق بوعشرين حول قوالب الوزراء في المغرب

 

 

مقال توفيق بوعشرين حول قوالب الوزراء في المغرب

توفيق بوعشرين صحفي مغربي، ومدير جريدة أخبار اليوم كان رئيس تحرير يومية المساء المغربية، و قدم استقالته من الجريدة بسبب خلاف مهني مع مدير النشر رشيد نيني سنة 2008.
 في 23 فبراير 2018، اقتحمت قوة أمنية مقر الصحيفة التي يديرها توفيق بوعشرين، واعتقلته على الفور، دون أن يكون بوعشرين نفسه على دراية بسبب اعتقاله، ليعقب المداهمة والاعتقال إدانات واسعة مما اعتُبر خطرًا آخريخرق حرية الرأي والتعبير في البلاد، خاصة أن لتوفيق بوعشرين آراء سياسية ناقدة للسلطة لكن ما لبثت السلطات أن وجهت له اتهامات اعتبرها الرأي العام ملفقة و خيالية للإنتقام منه و إسكاته ، وهي الاتجار بالبشر والاغتصاب!
 لم يغلق تشديد العقوبة ضد الصحافي المغربي توفيق بوعشرين ملف هذه القضية التي وصفت بقضية القرن، في ظل التشكيك بهدف اعتقاله ومتابعته، بعد إحالة شكاوى نساء اتهمنه بالاغتصاب واستغلالهن، وكان التشكيك في شرعية المحاكمة ناتجاً عن ملابسات هذه الدعاوى والخروقات التي تمت خلال عملية الاعتقال، ثم تفاصيل المحاكمة لتكتمل بالحكم الابتدائي 12 سنة سجناً نافذاً وبالحكم الاستئنافي 15 سنة سجناً نافذاً .
وتوالت ردود الفعل الحقوقية والصحافية والسياسية المستنكرة لهذه الأحكام فور صدورها، وما زالت تتوالى، لتؤشر على إبقاء الملف مفتوحاً، ليس قضائياً فقط، بعد أعلنت هيئات دفاع أطراف القضية، كل لحساباته، أنها ستواصل الدفاع عن حرية الرأي و إستقلالية القضاء ، و يجمع المستنكرون أن أساس القضية برمتها هو ما كان يكتبه توفيق بوعشرين من انتقادات لأوساط وشخصيات نافذة، وتعبر عن خشيتها من أن تتواصل هذه القضايا في إطار تكميم الأفواه وتدجين الصحافة والصحافيين.




خلقت افتتاحية جريدة أخبار اليوم التي كتبها توفيق بوعشرين، و الصادرة يوم الخميس 22 أكتوبر 2015 تحت عنوان:  قوالب الوزراء، جدلا واسعا و أزمة  في المجلس الحكومي بين عبد الإله بنكيران و وزير الفلاحة عزيز أخنوش،  بسبب تمرير فوزي لقجع باعتباره مديرا للميزانية آنذاك قبل أن يكون وزيرا للمالية ووزير المالية الحاج بوسعيد، و أخنوش وزيرا للفلاحة 55 مليار درهم  لفائدة  صندوق تنمية العالم القروي دون مصادقة بنكيران كآمر بالصرف، و هدد خلالها أخنوش بمغادرة الحكومة لأن الثقة أصبحت منعدمة بينه وبين بنكيران، كما رفع أخنوش ومحمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية دعوى  قضائية مدير نشر «أخبار اليوم»، توفيق بوعشرين، يتهمونه بالقذف ضد الجريدة مطالبا بتعويض تعجيزي قدر قدره مليار سنتيم مناصفة (خمسة ملايين درهم لكل واحد منهما)، في سابقة من نوعها في كل قضايا الصحافة والنشر،أصدرت محكمة عين السبع بالبيضاء في فبراير 2018، حكما ابتدائيا في الدعوى التي رفعها الوزيرين وقضت بأداء الجريدة لـ25 مليون سنتيم لفائدة الوزير أخنوش، و20 مليون سنتيم لفائدة الوزير بوسعيد، بعدما طالب الملياردير أخنوش وزميله في حزب الحمامة، بتعويض قدره مليار سنتيم مناصفة (خمسة ملايين درهم لكل واحد منهما).

توفيق بوعشرين :قوالب الوزراء

22 أكتوبر 2015

 نقلا عن موقع alyaoum24.com

الملياردير عزيز أخنوش، ومدير الميزانية فوزي لقجع، ووزير المالية الحاج بوسعيد، الثلاثة نصبوا فخا مدروسا لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الأسبوع الماضي، إبان إعداد مشروع القانون المالي الجديد، ولأن هذا الأخير «نية»، ولأن معاونيه مشغولون عن الأرقام، ولأن إدريس الأزمي أصبح متفرغا بالكامل لإدارة مدينة فاس ونسي أنه وزير للميزانية، فإن رئيس الحكومة سقط ضحية «مقلب سياسي ومالي»..

نعم، رئيس كل الوزراء «زلق» في المادة 30 من مشروع القانون المالي، ولم يجد من وزرائه ولا من أعضاء ديوانه من ينبهه قبل دخول مجلس الحكومة للمصادقة على القانون المالي، ومن يقول له: «إن صندوق تنمية العالم القروي، الذي ستوضع فيه ميزانية تبلغ 55 مليار درهم على مدى سبع سنوات لفك العزلة عن 12 مليون مغربي، وفق ما أعلنه الملك محمد السادس في خطاب العرش.

هذا الصندوق الذي كان تحت تصرفك كرئيس للحكومة صار تحت تصرف وزيرك في الفلاحة، وإن هذا الأخير لم يعد يحتاج إلى توقيع رئيسه لكي يصرف أكبر ميزانية للنهوض بالعالم القروي في تاريخ المغرب. أكثر من هذا، فإن المادة 30 في مشروع القانون المالي الجديد الموضوع على جدول الأعمال تنص على إمكانية أن يفوض وزير الفلاحة، المكلف بقبض موارد هذا الصندوق وصرف نفقاته، إلى الولاة والعمال القبض والصرف، ما يعني أن وزير الفلاحة سيُصبِح «رئيسا لحكومة مصغرة» تصرف مليارات الدراهم الآتية من ميزانيات وزارات عدة، على رأسها التجهيز والنقل والداخلية والصحة والتعليم والماء والكهرباء».

لم يجد رئيس الحكومة من يقول له هذا الكلام، ولهذا دخل إلى المجلس الحكومي وصادق على مشروع القانون المالي بكل مواده، وحملته الأمانة العامة للحكومة إلى البرلمان.

يبدو أن أخنوش وبوسعيد ولقجع لم يسمعوا عن شيء اسمه الدستور الجديد، وأن حتى عباس الفاسي، وهو أضعف وزير أول في كل الحكومات المتعاقبة، كان يوقع شيكات صندوق تنمية العالم القروي، وكان هو الآمر بالصرف، فماذا بعد إقرار الدستور الجديد؟ وماذا بعد أن صار هذا الصندوق يحتوي على المليارات من الدراهم؟ ينص الدستور في الفصل 89 على ما يلي: «تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها». الفصل 90 من الدستور أكثر وضوحا وجزما في ما يتعلق بمصدر السلطة التنظيمية، حيث يقول: «يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء».

أيها السادة، الدستور موجود لتنظيم السلطة وليس للاستئناس به، والدستور ليس أوراقا وجملا وعبارات مسكوكة. هو تعاقد سياسي وقانوني بين الشعب ومن يحكم، وهو أعلى وأسمى قانون موجود في البلاد، واحترامه من احترام الشعب والديمقراطية ودولة القانون، وإذا حولناه إلى تمثال حلوى نلهو به ثم نأكله، فرحمة الله على دولة الحق والقانون.

لماذا لم تتم مصارحة رئيس الحكومة بهذا التغيير الجذري في الآمر بالصرف في صندوق يشرف على مشروع ملكي كبير مثل هذا؟ لماذا سكت وزير المالية ومدير الميزانية في وزارة المالية ووزير الفلاحة عن هذا الأمر الذي «دُس» بعناية بين الأوراق الكثيرة للقانون المالي حتى يمر بسلام من تحت الطاولة في المجلس الحكومي؟ ما هو المبرر لسحب توقيع رئيس الحكومة من شيكات هذا الصندوق ووضع توقيع وزير الفلاحة، وفتح إمكانية تفويض هذا الأخير إلى الولاة والعمال الصرف من هذا الصندوق؟ أسئلة عديدة يمكن طرحها في هذه النازلة، وهنا ينتفي مبدأ حسن النية والثقة المفروضة بين رئيس الحكومة ووزرائه، وبين الحكومة والإدارة الموضوعة دستوريا تحت تصرف رئيس الحكومة… يبدو أن ترتيبات 2016 بدأت باكرا هذه المرة، والمسلسل مشوق.

في معرض الفلاحة الأخير بمكناس، تقدم مدير شركة «كوسيمار» للسلام على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وأثناء تناول الطعام سأل بنكيران بطريقته التي تجمع بين الجد والهزل مول السكر: «واش نتوما اللي تتصنعو دوك القوالب انتاع السكر؟».. ضحك الجميع من السؤال وصيغته، لكن لم يتصور الحاضرون أن صناعة القوالب ستصير مهنة حكومية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق